سبحان الله، إن الأفكار الناجحة تبدأ من أغرب الأماكن. وفي عالم الطيران ستجد بعضا من أكثر الأفكار الجنونية في التاريخ.. ولكن في بعض الأحيان، ستجد أن بعضا منها تصبح بمشيئة الله من معايير التميز. وإليكم أحد الأمثلة: أكثر الطائرات التجارية نجاحا في التاريخ هي البوينج 737 التي يمر على إنتاجها خمسين سنة خلال هذا الشهر. وتحديدا فقد طارت لأول مرة في أبريل عام 1967. وكانت عماد الخدمة الجوية الداخلية في المملكة لفترة طويلة بدأت في عام 1972 واستمرت لفترة تفوق ربع القرن بدون حادثة واحدة مميتة ولله الحمد. وكان أحد أهم مقومات تصميمها الناجح هي فكرة «خارج الصندوق تماما». ولو عدنا إلى منتصف الستينات الميلادية سنجد أن المنافسة كانت شديدة في عالم الطيران التجاري بالذات للطائرات ذات المدى القصير لنقل مئة إلى مئة وخمسين راكبا.. بين طائرات «الباك 111» البريطانية و«الفوكر 28» الهولندية و«الكرافيل» الفرنسية، و«الدي سي 9» الأمريكية وكلها كانت تشبه بعضها في وضعية المحركين في مؤخرة الطائرة، وفي احتواء مقصورة الركاب على خمسة مقاعد في كل صف.. ثلاثة مقاعد.. ثم الممر.. ثم مقعدين في كل صف. وجاءت شركة بوينج بفلسفة جديدة: لوضع المحركين تحت الجناحين مما يسمح بتقليص الوزن، وبالتالي يسمح بتوسعة مقصورة الركاب لتستوعب ستة مقاعد في كل صف.. ثلاثة مقاعد ثم ممر ثم ثلاثة مقاعد. وكانت هذه هي الخلطة السحرية التي قلبت الموازين.. ولنترجم هذا الكلام بلغة الأرقام: كل الطائرات المذكورة أعلاه انتهى تصنيعها ومعظمها أحيل على التقاعد.. والطائرات الأوروبية المذكورة أعلاه لم ينتج منها أكثر من ستمئة طائرة. وأما «الدي سي 9» فلم ينتج منها إلا حوالى ألفي طائرة بجميع طرازاتها المختلفة، وقد توقف خط إنتاجها منذ حوالى عشرين سنة.. وآخرها كانت الإم دي 90 التي خدمت في المملكة واشتهرت باسم «الماسورة». وأما البوينج 737 فقد تم طلب حوالى أربعة عشر ألف طائرة، وتم تسليم حوالى عشرة آلاف طائرة من أكثر من مئة مشغل في أكثر من مئة دولة مختلفة حول العالم. ويقدر أن كل ثانيتين هناك بوينج 737 تقلع أو تهبط حول العالم. وكانت الفكرة الجريئة لوضع المحركين تحت الجناحين السبب في جعل مقصورة الطائرة أعرض من منافستها، وساهم ذلك مساهمة فعالة في رفع إنتاجية الطائرة لأن أحد أهم عناصر الإنتاجية في النقل الجوي هي الحمولة. ولو دققت في شكل البوينج 737 ستجد أنها «دبه»... يعني سمينة.. وبالأصح فمقصورة ركابها كبيرة نسبة إلى مساحة جناحيها وهذه ميزة كبيرة لإنتاجية الطائرة. الشاهد أن شركة بوينج احتفلت هذا الشهر بطيران أحدث طراز من البوينج 737 وهو «ماكس 10».. وهو الجيل الرابع من ذلك التصميم «الهابق» السابق لأوانه. وتتوقع الشركة أن تنتج الطائرة لعشر سنوات إضافية أو أكثر بإرادة الله عز وجل.
أمنية:
ما أكثر استخدام كلمتي «أفضل الممارسات» كأحد رموز الجودة.. وفي بعض الأحيان ترمز إلى «ممارسة الخيبة» لأن هناك ما هو أفضل خارج الصندوق. وفي بعض الأحيان عكس «المتميز» هو «المقبول». وهناك أفكار وممارسات كثيرة تحتاج الى إعادة نظر وتغيير وأكثرها على الأرض وهي حولنا كل يوم. أتمنى أن تذكرنا قصة نجاح البوينج 737 بأهمية التفكير خارج الصندوق، فبعض من أفضل الأفكار لا علاقة لها بتطور الفكر السابق. والله أعلم.. وهو من وراء القصد.
أمنية:
ما أكثر استخدام كلمتي «أفضل الممارسات» كأحد رموز الجودة.. وفي بعض الأحيان ترمز إلى «ممارسة الخيبة» لأن هناك ما هو أفضل خارج الصندوق. وفي بعض الأحيان عكس «المتميز» هو «المقبول». وهناك أفكار وممارسات كثيرة تحتاج الى إعادة نظر وتغيير وأكثرها على الأرض وهي حولنا كل يوم. أتمنى أن تذكرنا قصة نجاح البوينج 737 بأهمية التفكير خارج الصندوق، فبعض من أفضل الأفكار لا علاقة لها بتطور الفكر السابق. والله أعلم.. وهو من وراء القصد.